اللغة العربية

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كأي طالبة بدأت دراستها الجامعية من وقتٍ ليس بالطويل ،، و كان تخصصها طبياً محضا،، واجهتُ للأسف إبعاد اللغة العربية من مناهج التخصص من بعد السنة الأولى لدراسته ،، أحدث هذا في نفسي تعكيراً و إنزعاجاً كبيرين وذلك لحبي الشديد لها ،، وأيضاً لإيماني بأن الضاد كانت ستحمل تخصص الطب وأي تخصص آخر كان على وجه البسيطة وستوضحه خير توضيح لقوتها و عظمتها ،، حاولتُ أن أخفف من تعكير النفس بالكتابة ،، كاتبةً مقالي هذا و الذي كتبته في آخر امتحانٍ لي مع اللغة ،، وذلك في أول سنةٍ لي في تخصص الطب ،، حيث ودعتُ اللغة آنذاك من بعد ثلاثة عشر عاماً من دراستها ،، مواسية بهِ نفسي ،، أوجه مكتوبي هذا رسالة لأي طالب ؛ سواء كان يدرس الطب أو أي تخصص غيره ،، تاركةً اللغة تتحدث معكم بشخصها وذاتها …

هأنذا قد رافقتكم منذ بداية دراستكم إلى حد الآن ،، عرفتكم منذ أن كنتم صغاراً لا تفقهون شيئاً ،، من دوني ما كنتم لتفهموا أي شيء ،، كبرتم ورافقتكم حتى وصلت معكم لآخر لقد ،، انا هنا لا أستطيع مرافقتكم حتى نهاية الطب ،، ليس لعدم استطاعتي حمل معانيه. لا ،، فلقد وسعتُ كتاب الله لفظاً وغايةً ،، لكن لأن الجميع تناساني ،، لم يدركوا قيمتي ولم يتمسكوا بهويتهم جيداً ،، كلي أمل فيكم يا أطباء المستقبل ،، تمسكوا بي مهما تقدمتم وحافظوا على هويتكم مهما كبرتم وزاد علمكم ،، اكتشفوا بي أشياء جديدة ،، حافظوا على نموي الدائم ..
تعلموا من الغرب كل العلوم وكل ماهم متقدمين به عنا ،، وجاروهم و تقدموا عنهم بي انا ،، حتى يعود لنا مجدنا وحتى نعود أفضل مما كنا ،، أمةً مسلمة متقدمة فاقت حضارتها

كل الحضارات ،، أملي فيكم كبير فقد رأيتُ فيكم الكثير من الطموح ،، تمسكوا بهويتكم جيداً ولا تجعلونها تضيع منكم كما ضاعت على كثيرٍ من قبلكم وهم لا يفقهون ولا يعلمون ..

أبنائي أطباء المستقبل ،، كونوا دائماً مفعمين بالأمل مؤمنين بأنفسكم ،، فالإيمان بالذات يولد الإبداع والنجاح والإبتكار ،، ومن لم يؤمن بذاته فقد خسر الكثير الكثير ..

كلي أملٌ بأن يأتي يومٌ أرافق فيه كل العالم من جديد في كل العلوم ،، أعلم جيداً بأن هذا اليوم سيأتي ،، فإني أراكم جميعاً وأبناء جيلكم ذو إصرار وإرادة كبيرين ..

أتمنى لكم التوفيق في آخر امتحانٍ لي معكم ،، لو عرفتموني وعلمتم بي جيداً وعرفتم قيمتي وعظمتي لما خفتم ولا توترتم ،، تذكروا بأن الله دائماً هو ولي التوفيق وتوكلوا عليه دائماً وتأملوا صنعه البديع وإتقانه وعظمته أثناء دراستكم للإنسان ،، فقد كان فعلاً ظلوماً جهولا ..

وأذكركم بعدم نسيان ما نسج عني شاعر النيل حافظ إبراهيم حينما قال:

أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ …
يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي .
فلا تكلوني للزمان فإنني …
أخاف عليكم أن تحين وفاتي .

دمتم سالمين مفعمين بالأمل مؤمنين بأنفسكم …

عسى أن يكون لي لقاءٌ قريب بكم ،، أعتذر لو أطلت ،، والسلام …

 

آلاء الناجح